يذكر المقال أن الرئيس اللبناني جوزيف عون صرّح مؤخرًا بأن لبنان «لا يملك خيارًا» سوى التفاوض مع إسرائيل. يشير هذا التحول إلى لحظة سياسية حساسة تتزايد فيها الضغوط على بيروت، عسكريًا من إسرائيل، ودبلوماسيًا من الولايات المتحدة، لدفعها نحو تسويات كانت تُعد خطًا أحمر داخل البلاد. يوضح المقال الذي كتبته د. لينا الخطيب أن النقاش حول المفاوضات المباشرة لم يعد مجرد احتمال بعيد، بل أصبح مسارًا واقعيًا تدفع إليه الظروف المتصاعدة بعد حرب 2023–2024 بين حزب الله وإسرائيل.
ويشير تشاتام هاوس إلى أن هذا التحول السياسي ينبع من تضاؤل قدرة لبنان على امتصاص الضغوط، خصوصًا مع استمرار إسرائيل في توجيه ضربات داخل الأراضي اللبنانية، وتأكيدها ضرورة نزع سلاح حزب الله. كما تواكب واشنطن هذا الضغط بخطاب دبلوماسي حاد؛ إذ وصف المبعوث الأمريكي توم باراك لبنان بأنه «دولة فاشلة»، بينما شددت مورجان أورتاجوس خلال زيارتها بيروت على ضرورة تنفيذ خطة الجيش لنزع سلاح حزب الله بلا مماطلة.
ضغوط متصاعدة تدفع نحو المفاوضات المباشرة
يستعرض المقال كيف تدفع التطورات العسكرية والسياسية لبنان نحو مسار لم يكن واردًا يومًا. يواصل حزب الله تحريك ما تبقى من ترسانته داخل لبنان وتهريب أسلحة عبر سوريا، مخالفًا اتفاق وقف إطلاق النار الموقع في نوفمبر 2024. يعزو الحزب موقفه إلى أن الاتفاق يقتصر على الجنوب، ويتهم إسرائيل بخرق الهدنة. في المقابل، تعزز إسرائيل ضرباتها وتلوّح بعودة الحرب، وتضغط على الدولة اللبنانية لتغدو أكثر صرامة في مواجهة الحزب.
يتطرق المقال إلى أن هذه الأجواء تجعل فكرة المفاوضات المباشرة بين بيروت وتل أبيب أقل صدمة لدى بعض القوى السياسية اللبنانية. شخصيات من أحزاب معارضة لحزب الله بدأت تصرح علنًا بضرورة التفاوض، مثل سامي الجميل الذي أكد أن «ما كان مستحيلًا أصبح ممكنًا»، مشيرًا إلى تحوّل عميق في المزاج السياسي.
ترسيم الحدود واتفاق أمني محتمل
يعرض المقال محورَي التفاوض المحتملين: ترسيم الحدود البرية بين لبنان وإسرائيل، والتوصل إلى اتفاق أمني. يذكّر بأن الحدود لم تُرسم رسميًا منذ 1948، وأنه كان متوقعًا السير في مسار مشابه لمفاوضات ترسيم الحدود البحرية التي أسفرت عن اتفاق عام 2022.
لكن واقع ما بعد الحرب خلق ديناميات جديدة. سياسيون كانوا يرفضون سابقًا أي حوار مباشر باتوا يعتبرونه ضرورة. في المقابل، ينظر حزب الله إلى هذا الاتجاه باعتباره تهديدًا وجوديًا، لأنه يفتح الطريق أمام احتمال توقيع اتفاق سلام يجرّد الحزب من المبرر الذي يستند إليه للاحتفاظ بسلاحه. يرد الحزب برسالة مفتوحة لقيادة الدولة يرفض فيها التفاوض ونزع السلاح، محاولًا استعادة خطاب «المقاومة».
يلفت المقال إلى أن الحكومة الحالية أسقطت مصطلح «المقاومة» من بيانها الوزاري لصالح التأكيد على احتكار الدولة لقرار السلم والحرب، وهو ما شدّد عليه رئيس الوزراء نواف سلام حين قال بوضوح إن الدولة هي الجهة الوحيدة المخولة اتخاذ هذه القرارات.
ضعف حزب الله وتراجع نفوذه الإقليمي
تكشف د. الخطيب أن حزب الله يخوض هذا الصراع السياسي من موقع أضعف بكثير مما كان عليه سابقًا. خسائره العسكرية أمام إسرائيل أضعفت قدرته على التعويض المالي والدعم الاجتماعي كما فعل بعد حرب 2006، وتراجع دعم طهران له بسبب أزماتها الداخلية. يشير المقال إلى أن بعض أنصار الحزب يعترفون في جلساتهم الخاصة بأنهم يشعرون بالهزيمة السياسية.
في هذا السياق، يغدو احتمال التوصل إلى اتفاق أمني مباشر بين لبنان وإسرائيل أكثر من مجرد سيناريو. نجاح مثل هذا الاتفاق سيقوض خطاب الحزب القائم على حماية لبنان من «العدوان الإسرائيلي»، ويعزز سلطة الدولة على السلاح والقرار الأمني.
يخلص المقال إلى أن موازين القوى الراهنة، داخل لبنان وخارجه، تجعل التفاوض المباشر أكثر ترجيحًا طالما تتواصل الضغوط، وطالما يفتقر حزب الله إلى الأدوات التي كان يعتمد عليها لفرض شروطه. قد يشكّل هذا التحول مقدمة لإعادة صياغة العلاقة بين الدولة اللبنانية وسلاح حزب الله، وتحديد مستقبل دور الحزب في المشهد السياسي والأمني، وربما إعادة رسم توازنات المنطقة مع مرور الوقت.
https://www.chathamhouse.org/2025/11/hezbollahs-refusal-disarm-makes-direct-negotiations-between-lebanon-and-israel-more-likely

